تأويل حديث: "وأنت الباطن فليس دونك شيء"

تأويل حديث: " اللهمّ أنتَ الأوّلُ فليسَ قبلكَ شيء ، وأنتَ الآخرُ فليسَ بعدكَ شيء ، وأنتَ الظاهرُ فليسَ فوقكَ شيء ، وأنت الباطنُ فليسَ دونكَ شيء" اهـ

فقوله: "أنت الأول فليس قبلك شيء": أي أنت أول الأشياء، فليس هناك شيء وجد قبل الله أو مع الله. وهذا كناية عن أزليّته.

وقوله: "وأنت الأخر فليس بعدك شيء": أي: ليس يبقى بعدك شيء، لو كانت كل الاشياء تفنى، وهذا كناية عن أبديته. وأنه الحي الذي لا يموت.

وقوله: "وأنت الظاهر فليس فوقك شيء"، الظاهر من الظهور، وهو البروز، والمراد به هنا العلوّ، لأنه قال: "فليس فوقك شيء" أي: لا يعلوك شيء، والنفي هنا مطلق غير مقيّد ولا مخصّص، فدل على أن المراد بالظهور هنا ظهور الذات والقدر والقهر والغلبة والسلطان.

وقوله: "وأنت الباطن فليس دونك شيء": اي: لا يخفى عليك شيء من أمور عبادك، والعرب تقول: ليس دون فلانٍ سِرّ، اي: لا يخفى عليه سِرّ. وقوله: "الباطن". أي: من الاستبطان، وهو الدخول في باطن الشيء، والدخول هنا بمعنى دخول الله تعالى بعلمه في بواطن الأشياء، فلا يخفى عليه منها شيء.

وليس معناه: ليس تحته شيء. فباطن الشيء، هو داخله، فالله داخل بين الأشياء بعلمه، وأما التحت، فهو السّفّل، فبين الكلمتين فرق كبير، فتنبه.