الفرق بين مذهب أهل السنة ومذهب المرجئة والخوارج. وهل كان الإمام محمد بن عبدالوهاب خارجياً؟

حتى نستطيع معرفة الفرق بين أهل السنة ومخالفيهم من المرجئة والخوارج، يجب علينا أولا أن نعرف مكمن الخلاف بين هذه الفرق.

فالخلاف بينهم وقع في باب الإيمان بين مستهتر مقصر وغالٍ متشدد ووسط سالك للسبيل.

وحتى نعرف مذهب أهل السنة والجماعة في باب الإيمان ومذهب مخالفيهم من المرجئة والخوارج. فيلزمنا أن نقسم مسائل الدين في باب الإيمان إلى أصول وفروع.

ونعرّف أصول الدين: بأنها كل مسألة حكم الشرع بكفر المخالف فيها سواء اشترط قيام الحجة أو لم يشترط.

ونعرّف فروع الدين: بأنها كل مسألة حكم الشرع بفسق المخالف فيها دون أن يحكم بكفره.

فالمرجئة يجعلون أصول الدين كفروعه، ويعطونها حكماً واحداً وهو الفسق فقط.

والخوارج يجعلون فروع الدين كأصوله، ويعطونه حكماً واحداً وهو التكفير.

وأما أهل السنة والجماعة فيفرقون في أحكامهم بين أصول الدين وفروعه.

فمن وقع في مخالفة مكفرة لا يشترط فيها قيام الحجة، كفروه.

ومن وقع في مخالفة مكفرة يشترط فيها قيام الحجة، لم يكفروه حتى يقيموا عليه الحجة.

ومن وقع في معصية دون الكفر، لم يكفروه، بل فسّقوه فقط.

وما هي مسائل أصول الدين التي لا يشترط فيها قيام الحجة؟

الجواب: هي توحيد الربوبية وتوحيد الألوهية.

ويشتمل توحيد الربوبية على : توحيد الملك وتوحيد الخلق، وتوحيد الأمر والتدبير.

وما هي أصول الدين التي يشترك فيها قيام الحجة؟

الجواب: صفات الله تعالى، وإنكار فرض من فرائض الله، وتحليل الحرام، وتحريم الحلال.

وما هي فروع الدين؟

الجواب: هي كل ما تبقى من مسائل الدين.

فالإمام محمد بن عبدالوهاب لم يكفر إلا من خالف في أصل من أصول الدين، بل إن الإمام محمد يجعل جميع أصول الدين مستلزمة لقيام الحجة، وهو مخطئ في هذا ولا شك، ولكن خطئه هذا يجعله بعيداً كل البعد عن مذهب الخوارج.

والحقيقة أن أكثر المنتسبين للمنهج السلفي - بما فيهم من ينسب لمذهب الخوارج - وقعوا في الإرجاء، وهم في ذلك درجات، فليسوا على درجة واحدة من الإرجاء. 

والإرجاء مذاهب، ولكن منها طائفة تقر بأن الإيمان قول وعمل واعتقاد ويزيد وينقص، ولكن هذا الإقرار لفظي فقط، حيث أنهم لا يحكمون على من وقع في مخالفة في أصول الدين بالكفر وإن أقاموا عليه الحجة، ووضعوا شروطا وموانع أشبه ما تكون بالحيل التي يحتالون بها لدفع الأحكام الشرعية، وهذا النوع من الإرجاء هو إرجاء السلفية المعاصرة، والتي نشأت أوّل مرة في القرن الرابع الهجري وما زالت تنتشر حتى طغت على أكثر المنتسبين للمدرسة السلفية، وزاد الطين بلة أن الشيخ أحمد بن تيمية عفا الله عنه، أسس لها وقعد في كتبه، مما جعلها أصلا أصيلا ومتينا عند السلفية لا ينفكون عنه، ويحكمون بناء عليه على مخالفيهم. "راجع منشوراتي عن شروط وموانع التكفير"