أشمل وأكمل تعريف للشرك، هو تعريف نبينا محمد صلى الله عليه وسلم حين قال: "أن تجعل لله نداً".
والندّ في لغة العرب هو المثيل، والمراد به هنا المماثلة في الصفات، سواء ماثلة في جميع صفاته أو في صفة واحدة.
فالشرك أن تجعل لله مثيلاً في ربوبيته أو ألوهيته أو كمال صفاته.
وهو على نوعين:
النوع الأول: اعتقاد أن هناك من هو ندّ لله تعالى في ملكه أو خلقه أو أمره ونهيه أو استحقاقه للعبادة أو كمال الصفات، استقلالا من دون الله تعالى.
النوع الثاني: اعتقاد أن هناك من أشركه الله تعالى معه في ملكه أو خلقه أو أمره ونهيه أو استحقاقه للعبادة أو كمال الصفات.
والشرك الذي وقع فيه العرب قبل الإسلام، وقع في اعتقادهم أن الله تعالى أشرك الملائكة وعظماء الجن والإنس والأوثان معه في أمره ونهيه، لما لهم من مكانة عنده، ولذلك اتخذوهم وسطاء وشفعاء لهم عند الله، فصرفوا لهم شيئاً من العبادة، كالدعاء والذبح والنذر، وزعموا أنهم يدعون هذه المعبودات من دون الله ويتقربون إليها بالذبح والنذر، لتقوم هذه المعبودات بالشفاعة لهم عند الله تعالى ليقضي حوائجهم، وفي اعتقادهم أن الله تعالى لا يمكن أن يرد لهم طلباً، وأنه يسعى في مرضاتهم، بدل أن يسعوا هم إلى مرضات الله تعالى!
وهذا الشرك، هو الذي وقع فيه مشركوا الصوفية والشيعة بالتمام والكمال.
كما أشركوا بالله تعالى في كمال بعض صفاته، كصفة العلم، فجعلوا معبوداتهم مماثلة لله تعالى في هذه الصفة، وزعموا أن الله تعالى هو من جعلهم مماثلين له في هذه الصفة.
وكذلك في القدرة، حيث جعلوا قدرة معبوداتهم من دون الله تعالى مماثلة لقدرة الله تعالى، ولذلك هم يعتقدون أن الملائكة وعظماء الجن والإنس، قادرون على أن يحيطوا بكل شيء علما، وأنهم قادرون على غوثهم وإجابة سؤلهم.
بل إنهم يثبتون لمعبوداتهم من دون الله من كمال الصفات، ما لا يثبتونه لله تعالى، مثل: سماع الأصوات وإن بعدت ورؤية جميع المرئيات وإن بعدت، ويرون أن هذا من كمال صفاتهم، بينما يجردون الله تعالى من هذه الصفات!