الرد على شبهة من نفى قدرة الله تعالى على العلم بالحوادث قبل وقوعها

وهي طائفة ضالة، زائلة عن هدي الكتاب والسنة، وقد احتجوا ببعض الآيات المتشابهات، جهلاً منهم، أو إصراراً على باطلهم.

فقد احتجوا بقوله تعالى: ﴿إِن یَمۡسَسۡكُمۡ قَرۡحࣱ فَقَدۡ مَسَّ ٱلۡقَوۡمَ قَرۡحࣱ مِّثۡلُهُۥۚ وَتِلۡكَ ٱلۡأَیَّامُ نُدَاوِلُهَا بَیۡنَ ٱلنَّاسِ وَلِیَعۡلَمَ ٱللَّهُ ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ وَیَتَّخِذَ مِنكُمۡ شُهَدَاۤءَۗ وَٱللَّهُ لَا یُحِبُّ ٱلظَّـٰلِمِینَ﴾ [آل عمران ١٤٠]

وبقوله تعالى: ﴿وَلِیَعۡلَمَ ٱلَّذِینَ نَافَقُوا۟ۚ وَقِیلَ لَهُمۡ تَعَالَوۡا۟ قَـٰتِلُوا۟ فِی سَبِیلِ ٱللَّهِ أَوِ ٱدۡفَعُوا۟ۖ قَالُوا۟ لَوۡ نَعۡلَمُ قِتَالࣰا لَّٱتَّبَعۡنَـٰكُمۡۗ هُمۡ لِلۡكُفۡرِ یَوۡمَىِٕذٍ أَقۡرَبُ مِنۡهُمۡ لِلۡإِیمَـٰنِۚ یَقُولُونَ بِأَفۡوَ ٰ⁠هِهِم مَّا لَیۡسَ فِی قُلُوبِهِمۡۚ وَٱللَّهُ أَعۡلَمُ بِمَا یَكۡتُمُونَ﴾ [آل عمران ١٦٧]

وبقوله تعالى: ﴿یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ لَیَبۡلُوَنَّكُمُ ٱللَّهُ بِشَیۡءࣲ مِّنَ ٱلصَّیۡدِ تَنَالُهُۥۤ أَیۡدِیكُمۡ وَرِمَاحُكُمۡ لِیَعۡلَمَ ٱللَّهُ مَن یَخَافُهُۥ بِٱلۡغَیۡبِۚ فَمَنِ ٱعۡتَدَىٰ بَعۡدَ ذَ ٰ⁠لِكَ فَلَهُۥ عَذَابٌ أَلِیمࣱ﴾ [المائدة ٩٤]

وبقوله تعالى: ﴿ٱلۡـَٔـٰنَ خَفَّفَ ٱللَّهُ عَنكُمۡ وَعَلِمَ أَنَّ فِیكُمۡ ضَعۡفࣰاۚ فَإِن یَكُن مِّنكُم مِّا۟ئَةࣱ صَابِرَةࣱ یَغۡلِبُوا۟ مِا۟ئَتَیۡنِۚ وَإِن یَكُن مِّنكُمۡ أَلۡفࣱ یَغۡلِبُوۤا۟ أَلۡفَیۡنِ بِإِذۡنِ ٱللَّهِۗ وَٱللَّهُ مَعَ ٱلصَّـٰبِرِینَ﴾ [الأنفال ٦٦]

ونحو هذه الآيات.

فظنوا أن معنى الآيات أن الله لا يعلم بالشيء إلا بعد وقوعه، تعالى الله علوا كبيرا.

والعجيب، أنهم تجاهلوا ما يخالف هذا المعنى من الآيات!

فتأويل الآيات التي احتج بها هؤلاء الضالين، هو أن مراد الله تعالى بقوله: ﴿لِیَعۡلَمَ ٱللَّهُ﴾ وقوله: ﴿وَعَلِمَ أَنَّ فِیكُمۡ ضَعۡفࣰاۚ﴾ ليس المراد به أن الله تعالى كان يجهل حالهم قبل وقوع الفعل منهم، بدلالة أن الآيات بيّنت أن الله تعالى عليم بكل شيء، بل مراده بذلك علم الفِعَال.

فإن العلم علمان: علم تقدير، وعلم فعال. 

فالله علم ما هم عاملون قبل أن يعملوه، علم تقدير، فلما عملوه، علم أن ما سبق في علمه أنهم عاملوه، قد عملوه. 

هذا هو الحق إن شاء الله في تأويل الآية.

والله أعلم وأحكم