الفرق بين النبي والكاهن

هناك فروق واضحة بين النبي والكاهن، يدركها كل من أوتي مسحة من عقل.

فإن كان النبي والكاهن قد يشتركان في عمل المعجزات في الظاهر، ويشتركان في معرفة شيء من الغيب الذي سوف يقع في المستقبل، إلا أن بينهما فرق لا يكاد يُخطِؤه إلّا فاقد عقل، أو مُكابِرٌ للحق، يبتغي الضلال مضانَّه.

فالنبي لا يدعو إلى نفسه، ولا يريد من دعوته جاهاً أو مالاً، أو أيّ حظٍّ من حظوظ الدنيا. بل تجده يبذل ما يملكه ومؤثراً راحته وعافيته في سبيل دعوته، ولا يمكن أن يفعل ذلك، إلا من كان صادقاً في دعواه.

بينما الكاهن كُلّ عمله لأجل نفسه، ولأجل نيل شيء من حطام الدنيا، سواء كان جاهاً أو مالاً أو غير ذلك.

والكاهن وإن كان يظهر شيئاً من المعجزات وخوارق العادات، إلا أن معجزاته وخوارقه كلها أوهام، مما تُخيِّلُه الشياطين في أعين المشاهدين، وأما النبي، فإن معجزاته وخوارقه حقيقيَّة، لذلك تكون لها أثر، فمثلاً الكاهن قد يوهمك أنه طعن نفسه بالسكين، ولكنه عند نزعها، لا يكون لها أثر، ويختفي، بينما النبي لو انبثق الماء من بين اصابعه، فسوف يكون له أثر، لأن الماء المنبثق من بين أصابعه حقيقي، لذلك يستطيع الإنسان أن يستعمله كما يستعمل الماء الذي ينبثق من البئر، فيتوضأ به.

والكاهن وإن كان يشترك مع النبي في علم بعض الغيب، إلا أن الفارق يكمن في أمرين: الأول: مصدر المعلومة، والثاني نطاق المعلومة. فالنبي يستقي علم الغيب من الله بواسطة رسله من الملائكة، والكاهن يأخذ علم الغيب، مما تسترقه له الشياطين من السماء. والنبي يخبرك بأمورٍ تقع بعد مئات السنين أو آلاف السنين، بينما الكاهن، لا يستطيع أن يخبرك إلّا بالحوادث التي سوف تقع قريباً من زمنه.