هذه حيلة أخرى من حِيَل مشركي المتكلمين والصوفية، لشرعنة شِركهم، وقد كنت أعرف هذه الحِيْلة منذ زمن طويل، ولكني نسيت أن أتكلم عنها في الحلقة السابقة بعنوان: هل دعاء غير الله تعالى فيما لا يقدر عليه إلا الله تعالى لا يكون شركاً إلا باعتقاد الربوبية في المدعو من دون الله تعالى.
ولذلك، لزم من باب البيان، وإقامة الحجّة على المخالفين، أن نتكلم عنها هنا، ونفنّدها.
والله اسأل التوفيق والعون والسداد.
فمن حِيَلِهم لشرعنة شركهم، غير ما ذكرنا سابقاً، هو قولهم: أنهم لا يدعون الملائكة والأنبياء والأولياء والمشايخ والإنس والجن، معتقدين فيهم أنهم آلهة، بل هم مجرّد أسباب، يتسبّبون بها للتقرب إلى الله تعالى، وأنهم يغيثون ويعينون ويعيذون وينفعون ويضرون بإذن الله تعالى، وبمشيئة الله وإرادته.
ويظن هؤلاء المغبونون، أنهم بقولهم أنهم يعتقدون في شركائهم من دون الله تعالى أنهم مجرّد أسباب، وبتعليقهم الأمر بإذن الله ومشيئته وإرادته، أنهم برئوا من الشرك قليله وكثيره.
وهذا باطل.
لأن مشركي العرب قبل الإسلام، ما كانوا يعتقدون أن آلهتهم التي يعبدون من دون الله تعالى، تنفع وتضر من دون الله تعالى، بل كانوا يؤمنون بأنها مجرّد أسباب، يتسبّبون بها للتقرّب إلى الله تعالى، وكانوا يعتقدون أنها لا تنفعهم ولا تضرّهم إلّا بإذن من الله تعالى، وبمشيئته وإرادته سبحانه.
وهذا منصوص عليه في القرآن الكريم.
قال تعالى: ﴿وَیَعۡبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ مَا لَا یَضُرُّهُمۡ وَلَا یَنفَعُهُمۡ وَیَقُولُونَ هَـٰۤؤُلَاۤءِ شُفَعَـٰۤؤُنَا عِندَ ٱللَّهِۚ قُلۡ أَتُنَبِّـُٔونَ ٱللَّهَ بِمَا لَا یَعۡلَمُ فِی ٱلسَّمَـٰوَ ٰتِ وَلَا فِی ٱلۡأَرۡضِۚ سُبۡحَـٰنَهُۥ وَتَعَـٰلَىٰ عَمَّا یُشۡرِكُونَ﴾ [يونس ١٨]
وقال تعالى: ﴿أَلَا لِلَّهِ ٱلدِّینُ ٱلۡخَالِصُۚ وَٱلَّذِینَ ٱتَّخَذُوا۟ مِن دُونِهِۦۤ أَوۡلِیَاۤءَ مَا نَعۡبُدُهُمۡ إِلَّا لِیُقَرِّبُونَاۤ إِلَى ٱللَّهِ زُلۡفَىٰۤ إِنَّ ٱللَّهَ یَحۡكُمُ بَیۡنَهُمۡ فِی مَا هُمۡ فِیهِ یَخۡتَلِفُونَۗ إِنَّ ٱللَّهَ لَا یَهۡدِی مَنۡ هُوَ كَـٰذِبࣱ كَفَّارࣱ﴾ [الزمر ٣]
وكانوا مع إيمانهم بتعدد الآلهة، يرون أن الله تعالى هو الإله الأعظم، الذي تنقاد له جميع الآلهة، وأنها لا تستطيع فعل شيء أو إعطاء أمرٍ أو تدبيره، إلا بإذن من الله تعالى ومشيئته وإرادته.
فكانوا يقولون في تلبيتهم: لبيك لا شريك لك، إلا شريكاً هو لك تملكه وما ملك.
فإن كان الله يملك هذا الشريك وما ملك، فلا شك أن هذا الشريك لا يستطيع أن يعطي أمراً أو يدبّره إلا بإذن من له الملك كله.
فبطلت شبهتهم هذه، وتبيّن فسادها.
وقوله تعالى: (قُلۡ أَتُنَبِّـُٔونَ ٱللَّهَ بِمَا لَا یَعۡلَمُ فِی ٱلسَّمَـٰوَ ٰتِ وَلَا فِی ٱلۡأَرۡضِۚ) دليل على أنهم اتخذوا هؤلاء الشفعاء بغير أمر من الله أو رُسُله،
وفيه أن مسائل الدين توقيفيَّة، فلا يجوز لأحد أن يشرع في دين الله ما لم يأذن به الله، فإن أفتى بفتوى وجب عليه أن يقرنها بالدليل من كتاب الله أو سنة رسول الله،
فهؤلاء الذين أجازوا صرف الدعاء للمخلوق فيما لا يقدر عليه إلا الله تعالى، وزعموا أنه ينفع ويضر بإذن الله تعالى ومشيئته وإرادته، بأي دليل أو حجة شرعيَّة أجازوا ذلك؟!
وما الدليل الشرعي من الكتاب والسنة، على أن الله تعالى أذن وشاءوأراد للأنبياء والأولياء والمشايخ والملائكة والجن أن ينفعون ويضرون ويأمرون في ملكه ويدبرون؟!
إما أن يعطو الدليل الشرعي، من القرآن الكريم، أو الأحاديث الصحاح، وليست الأحاديث الضعيفة والموضوعة، مع أني لا أعلم حديثاً يجيز الشرك حتى في الأحاديث الضعيفة والموضوعة، ولكن هم قادرون على التأليف والوضع، في كل زمان ومكان، على جواز ذلك، فإن لم يأتوا فليشهدوا على أنفسهم أنهم من الكاذبين على الله وعلى رسوله.
لأن هذه المسألة لا تُدرك إلا بالخبر عن الله أو عن رسوله، فإن لم يأمر بها الله أو رسوله، فمن أين جاءوا بها؟!
مثل ذلك الجاهل النووي، الذي يجيز الذبح على اسم النبي محمد صلى الله عليه وسلم، ويقول: إنما يريد بذلك التبرّك بذكر اسم النبي محمد، من الذي أمرك بهذا حتى تفتي الناس ما لم يأمر به الله ولا رسوله؟! هذا وأمثاله يوصف بانه إمام وحافظ وعالم وحفظ الإسلام والسنة، والله المستعان!
وهؤلاء القوم، لا يستطيعون التمييز بين قدرة الله تعالى، وقدرة المخلوق، أو لنقل، أنهم لا يؤمنون بأن لله تعالى قدرة خاصَّة به.
بمعنى، أنهم يعتقدون بأنه لا يلزم من كون الله هو الكامل في صفاته، أن يتفرّد بهذه الصفة.
فعندهم، أن الله تعالى، قد يمنح كمال الصفات الواجب له سبحانه، لغيره، بحجّة أن ذلك يقع بإذن الله ومشيئته وإرادته.
وقد بيّنت أن هذا هو عين اعتقاد مشركي العرب قبل الإسلام.
وهو أن يمنح الله أحداً من خلقه كمال الصفات المطلق الواجب له سبحانه وتعالى وحده لا ندّ له في ذلك.
فيزعمون أن الله تعالى قد يُشرِك معه أحداً من خلقه في ملكه وفي خلقه وفي أمره ونهيه وفي ألوهيَّته أيضاً.
وهذا كذبٌ محض، لأن الله تعالى لن يمنح أيَّ مخلوق هذا الكمال المطلق الذي لا يستحقه إلّا هو سبحانه.
والدليل على ذلك، أن الله وصفه نفسه قائلاً: "ليس كمثله شيء" وقال: "ولم يكن له كفواً أحد" فكمال الصفات المطلق، لو منح لأحد من خلق الله، لكان هذا المخلوق مثيلا لله وكفواً لله، ولم يكن لهذه الآيات معنى.
فهذه الآيات، تدل دلالة قطعيَّة، على أن الله لن يمنح أيًّ من خلقه هذا الكمال المطلق.
وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم، في الحديث الصحيح، لما سئل عن الشرك: "أن تجعل لله ندّاً وهو خلقك"
وهؤلاء يقولون: بأن الله هو من يجعل له النِدّ! بل ويرضى من الناس أن يتخذوا من هؤلاء أنداداً له سبحانه!
وهذا يبطل دعاوى هؤلاء المشركين.
ولذلك تجد أولئك المشركين يقولون في حججهم السخيفة البليدة في هذا الباب، هو قولهم: أنه بما أنه يجوز أن نسأل من الغني أن يعطينا مالاً، مما لديه من المال، ولا يكون سؤالنا له شركاً، فيجوز إذا أن نسأل من النبي أو الولي أو الشيخ أو الملاك أو الجني، أن يعطينا المال، وإن كانوا بعيدين أو في عالم أخر أو أمواتاً أو فقراءاً أو لا يملكون المال، بحكم أنه يفعل ذلك بمشيئة الله وإرادته وإذنه!!
وهذا قول يدل على تحايل قائله على الشريعة، ومغالطته للعقل الصحيح والفطرة السليمة.
لأنه من جهة مطالب بالدليل الشرعي من الكتاب والسنة على أن الله أشرك النبي أو الولي أو الشيخ أو الملاك أو الجنّي معه في ملكه أو خلقه أو أمره ونهيه، وأنه أمره بدعاء هؤلاء من دونه، وأن يتخذهم شُفعاء - الشفاعة الشركية وليست الشفاعة التوحيديَّة - يصرف لهم الدعاء من دون الله ويذبح لهم وينذر لهم على هذا الأمر.
ولن يجدوا دليلاً شرعياً على ذلك، بل سوف يجدون العكس تماماً، سوف يجدون الله تعالى ينهى عن دعاء غيره، فيما لا يقدر عليه إلا هو سبحانه وتعالى، ولم يميّز بين ما علقه المشرك بإذن الله ومشيئته وغرادته، وما لم يعلقه المشرك على ذلك! بل وصف جميع هذه الأفعال بانها شرك، ولا يوجد دليل على هذا الاستثناء المخترع.
هؤلاء المتكلمين والصوفية والشيعة الارفضة، عندهم انتكاسة في الفكر والعقل والدين ما بعدها انتكاسة.
ومثال على ما سبق، لو أن رجلاً ملك مالاً، فهل يجوز لك أن تساله من ماله؟
الجواب: نعم.
لأنه حي وحاضر ويقدر على إعطائك المال الذي تريده مما ملكه الله عز وجل.
ولكن هل يجوز أن تسأل الميت أو الغائب؟
الجواب: لا، لأنه لا يسمعني ولا يراني ولا يعلم بحالي.
وهل يجوز سؤال الفقير؟
الجواب: لا، لأنه لا يملك المال.
وهل الميت أو الغائب، عندهما قدرة خارقة للعادة، بحيث يستطيعان سماع صوتك ورؤيتك والعِلم بحالك؟
الجواب: لا.
وهل الغني أو الفقير، حيّان أم ميّتان، حاضران أم غائبان، لديهما قدرة خارقة للعادة لجلب المال إليك؟
الجواب: لا.
وما حكم من اعتقد في المخلوق غنياً أو فقيراً حيّا أو ميّتاً، حاضراً أو غائباً، أن لديه قدرة خارقة على سماع صوتك ورؤيتك والعِلم بحالك وجلب الرزق إليك، حتى لو زعم أن هذا يقع بإذن الله ومشيئته وإرادته؟
الجواب: حكمه أنه مشرك شركاً أكبر، لأن هذه الأمور تختصّ بها قدرة الله تعالى، المتفرِّد بكمال الصفات، وقدرة المخلوق تعجز عن ذلك.
وبما أن هذا الجواب، مدركٌ بالعقل الصحيح والفطرة السليمة، فإن من وقع في هذا العمل، فحكمه أنه مشرك شركاً أكب{، وإن مات على ذلك خُلِّد في النار، وإن لم يأته رسول.
كما أن هؤلاء المشركين المدعين للإسلام، يخلطون بين الكرامة وخوارق العادات.
فالكرامة، هي أن يكرم الله عبده بكرامة تخصّه، قد لا تقع لغيره.
مثال ذلك: أن يكون هذا الرجل مستجاب الدعوة.
أو أن يكون ممن إذا أقسم على الله لأبرّه.
وأما خوارق العادات، فهي مثل المشي على الماء، أو الطيران في الهواء، أو إحياء الموتى، أو القدرة على الخلق، أو تحويل العصا إلى حيَّة تسعى، أو جعل الكف تشعّ نوراً، أو شق البحر نصفين، أو عدم أكل النار للشخص، أو شقّ القمر نصفين، أو إخراج ناقة من الصفا، أو جعل الجمادات تتكلم أو تتحرك.
هذه كلها خوارق للعادات، لأنه لم تجري عادة البشر أنهم يقومون بمثل هذه الأعمال.
فالكرامة تقع لأي شخص، حتى لو لم يكن نبيّاً.
وليس فيها إلّا الدلالة على صلاح هذا الرجل وتقواه، ولولا ذاك، لما كان مجاب الدعوة ولما أبرّ الله قسمه.
وأما خوارق العادات، فلا تعطى إلّا للأنبياء، ولسبب وجيه، وهو للاستدلال بها على صحة دعوى الأنبياء فيما يدّعونه من النبوّة.
وقد تعطى لرُسُل الأنبياء بالنيابة فقط.
فهذه الخوارق تقع للأنبياء بالآصالة، وتقع لرُسُلِهم بالنيابة.
كما وقع للطفيل بن عمرو الدوسي، عندما بعثه النبي رسولاً له إلى قومه قبيلة دوس، فطلب من النبي آية تدل على صدقه عند قومه، فأعطاه الله تبارك وتعالى النور في رأس سوطه.
فهذا شيء خارق للعادة. أعطيه الطفيل للدلالة على أنه رسول رسول الله صلى الله عليه وسلم، بطلبٍ من الرسول صلى الله لعيه وسلَّم إلى ربه.
وقد وجدت نحو ذلك في سيرة عيسى عليه السلام، الذي يسميه النصارى الإنجيل، حيث جاء فيها ما نصّه على لسان عيسى عليه السلام، وهو يوصي رُسُله إلى الناس، يدعونهم إلى الإسلام: "
وتعطى لرسل الأنبياء، للدلالة على صدق الأنبياء الذين أرسلوا هؤلاء الرُسُل.
فإذا كانت خوارق العادات تعطى الأنبياء للدلالة على صدق نبوّتهم، فالسؤال هنا: لماذا يُعطى الشيخ الصوفي أو الشيخ الرافضي هذه الخوارق؟! وأيّ شيء يريد أن يثبته هذا الشيخ من خلال ادعائه وقوع خوارق العادات له؟!
الجواب: هم يقولون، لنثبت بها صحّة ولايتنا، وأننا أولياء صالحين.
حسناً: أنا كمسلم، ما الذي سوف أستفيده من كونك وليّاً صالحاً، إذا كنت وليّاً صالحاً فهذا بينك وبين الله تعالى، والله هو من يجزيك على صلاحك، ومنحك هذه الولاية لأجل صلاحك، فما شأني أنا هنا، حتى تقنعني بأنك ولي صالح؟!
الجواب يقولون: حتى تجعلنا واسطة وشفعاء بينك وبين الله تعالى - وهم لا يعنون طبعا الواسطة والشفاعة المباحة التوحيديَّة، بل الواسطة والشفاعة الشركية - أي: أن تصرف لهم العبادة لهم من دون الله، فبدل أن تسارع في مرضات الله تسارع في مرضاتهم، وبدل أن تدعو الله فيما لا يقدر عليه إلا الله، تجعلهم أندادا لله ومثلاء وأكفاء له في كمال صفاته، فتصرف لهم الدعاء في كل شيء، حتى فيما لا يقدر عليه إلا الله تعالى! وبدل أن تعلِّق قلوب العباد بربهم، يريدون منك أن تُعلِّق قلبك بهم.
وهكذا!
هذا هو ما يُصرِّحون به بأنفسهم.
وما الذي يستفيدونه؟!
الجواب: سوف يستفيدون عدة أمور:
أولها: الجاه والشرف.
وثانيها: المال، حيث يفرضون على أتباعهم تقديم الصدقات والنذور لهم.
وإلا فليس هناك أي حاجة ليكتسبوا هذه الخوارق.
حسناً: خوارق العادات هذه من أين تأتي هؤلاء الدجالين، وكيف تقع لهم؟
الجواب: باعتراف من تاب إلى الله تعالى منهم، وفاء إلى الإسلام، أنها تأتيهم بواسطة شياطين الجنّ، حيث أنهم في الحقيقة، يتعلمون السحر والشعوذة، فإذا أرادوا التظاهر بوقوع خارقة من خوارق العادات لهم، استخدموا هذا السحر، فيسحرون أعين الناس ويسترهبونهم بهذا السحر، ويقولون: ما رأيتم هو كرامة من الله تعالى.
ويطلبون من الشياطين أن تحملهم فتحملهم وتطير بهم، فيراهم الناس يطيرون في الهواء.
ويطلبون منها أن تبلِّط لهم البحر، فيبلطون منه ما يكفيه لمسيره على البحر، فيراهم الناس يمشون على البحر.
وكل هذا مجرد سحر وتخييل.
وخوارق العادات التي تقع للأنبياء ليست سحراً وتخييلاً بل هو حقيقة ناصعة.
وتظاهر هؤلاء الدجالين بوقوع خوارق العادات لهم هو الذي دفع بعض علماء السنة المتقدمين أن يقولوا: إذا رأيتم الرجل يطير في الهواء ويمشي على الماء، فلا تغترّوا به، حتى ترو اتباعه للكتاب والسنّة.
بمعنى: أنه إذا كان من متبعي الكتاب والسنة، فهذه كرامة، وإن خالفهما فهو دجّال.
وكما قلت سابقاً خوارق العادات لا تقع إلا للأنبياء بالآصالة، ولرُسُلهم بالنيابة، ولكن غيرهم من الناس لا تقع لهم.
فأي شخص تجده "يتباهى" بوقوع خوارق العادات له، ويسميها كرامات، مباشرة تعلم أنه دجال وساحر ومشعوذ لا أكثر.
والحقيقة، أنه يستحيل أن تجد دجّالاً من الدجاجلة الذين تقع لهم خوارق العادات، متّبعاً للكتاب والسُّنَّة، لأن شياطينه لا تقرّه على ذلك أساساً، بل إن من شروط خدمتهم له، أن يخالف الكتاب والسُّنة، وأن يدعو الناس إلى الشرك بالله تعالى.
لذلك تجد كثير منهم، يرفض قبول القرآن أو السُنّة في باب العقائد، فإذا نهي عن دعاء غير الله، دعا غير الله، وإن نُهي عن البناء على القبور، بنا على القبور، وإن أمر بطاعة، لم يقم بها على وجهها، وانقص منها أو زاد فيها ما ليس منها.
وتجده يجتهد في صرف الناس عن أخذ دينهم من كتاب ربهم وسنة نبيهم، ويأمرهم بالأخذ بما في كتبه وما يقوله لهم فقط.
هذا بعضهم، وأما بعضهم، فدجّال صرف، لم يتعلم السحرولا يعرف كيف يعمله، ولكنه يستخدم الخدع، وهذا النوع من الدجّالين، لا يستطيع أن يطير في السماء ولا أن يمشي على الماء، ولا أن يحوِّل الحصى ذهباً، أو يجعل الجماد يتكلَّم أو تتحرك، أو غير ذلك من الأمور العجيبة. ولكنه يقوم ببعض الخدع السخيفة التي يستطيع القيام بها من تدرب عليها من عامة الناس، ولكن عامة الناس ممن لم يتعلم هذه الخدع، ولا يعرف أنه يمكن أن تحدث، قد تلفت انتباهه، وتستثير إعجابه.
ولن يعدم الشخص معرفة النبي من الدجال.
فالنبي لا يدعو إلا إلى الله تعالى وحده لا شريك له، ولا يأمر إلا بالمعروف، ولا يوصي إلا باتباع تعاليم الله تبارك وتعالى.
والدجال، لا يدعو إلّا إلى نفسه، ولا يأمر إلّا بالمنكر، ولا يوصي إلا باتباع خُزُعبلاته وأباطيله.
حتى أن منهم من يصف القرآن بانه ليس كتاب هدى ولا حجة، أو يقول بأن الأخذ بظاهره من أصول الكفر،
فأين الحجة ومن الأخذ بظاهره من أصول الإسلام عنده وعند أمثاله من الملاحدة؟
الجواب: في هذرماته واباطيله التي يسطّرها لاتباعه في كُتُبه، كُتُبه التي استبدل كتاب الله وسنة رسوله بها، بل إن منهم، من ينهى عن قراءة القرىن وكتب السنّضة النبويَّة، لانها بزعمه - وهذه حيلة ماكرة منه - لا يفهمها إلا كبار العلماء!!
وهذه من حكمة الله تبارك وتعالى، أنه يفضح هؤلاء الدجالين، ويبيّن حالهم للناس.
فالذي يتّبع الدجّال، إنما اتبعه لزيغٍ في قلبه، وانحراف في فكره، وضعفٍ في عقله، واتّباعٍ لشهواته.
وليس لهم عذر.
وإلا فأمر هذا الدجال جليٌّ واضح لا يخفى على كل ذي لُبّ.
والله الهادي إلى سواء السبيل.
والله أعلم وأحكم.