بيان المخالفات التي وقع فيها الشيخ أحمد بن تيمية الحراني

 بسم الله الرحمن الرحيم 

الحمد لله رب العالمين والصلاه والسلام على رسول الله وعلى اله وصحبه اجمعين .. اما بعد 

في هذه الحلقه بإذن الله تبارك وتعالى سوف نتكلم عن المخالفات التي وقع فيها الشيخ أحمد بن تيمية

ولن يمنعنا ذيوع صيته وعلو منزلته عند كثير من الناس ان نتكلم في ذلك وان نفصح عنه ونبيّنه لكي لا يقع الناس فيما وقع فيه الشيخ احمد بن تيميه من اخطاء 

لان البعض يتحرج من ان ينتقد الشيخ ابن تيميه او يبين اخطاءه لما له من مكانه عظيمه عند كثير من الناس 

وهذه من حيل الشيطان 

لانه لو سكت هذا وسكت ذاك عن قول الحق في تبيين اخطاء المشايخ فكيف سوف يعرف الناس ان ما وقع فيه اولئك المشايخ خطا 

خصوصا وان الناس يعتقدون صحه القول او الفعل او الاعتقاد عندما يصدر من شخص له مكانه ومنزله رفيعه عندهم 

لذلك لا يتحرج مسلم في نقد اي مخطئ مهما علت منزلته عند الناس 

وعليه ان يفعل ذلك من باب النصيحه وليس من باب الفضيحه ومن باب الدعوه وليس من باب العداوه

 وليس الهدف من ذلك والله الطعن في شخص الشيخ أحمد بن تيميةاو التقليل من شانه او الوضع من قدره او اسقاط جهوده ونسيان مواقفه في الدعوة الى الله تبارك وتعالى وانتشال الناس من اوحال الشرك والالحاد الى رحابه الاسلام 

بل كل ما قام به في سبيل الله تعالى نحفظه له ونشكره عليه ونجله ونحفظ له قدره 

فهو ظهر في زمان قد استحكمت فيه الظلمات وفشا فيه الجهل وانتشرت فيه البدع وضرب فيه الشرك والالحاد بجرانه 

وكل عالمٍ كانت مخالفته دون الشِرك الأكبر في الربوبية أو الألوهية، فإنه يكون بحسب قربه وبعده عن الحق، كل ما اقترب من الحق كان قبول أهل الحق له أكثر، وإعذارهم له أوسع، وكل ما ابتعد عن الحق، كل ما كان قبول أهل الحق له أقل، وإعذارهم له أضيق.

وابن تيمية كان من اقر بالناس للحق، خصوصاً في مكانه وزمانه، مكان وزمان انتشر فيه إلحاد المعطلة ووثنية الصوفية والرافضة، وصار الحق عزيزاً، واصحابه في ذِلَّة، والباطل مشهوراً وأصحابه في قوّة. 

ولله الأمر من قبل ومن بعد.

ولكن الهدف هو ان نبين ان الشيخ الشيخ أحمد بن تيمية اخطأ في مساله من المسائل ويجب التنبيه عليها والتحذير من متابعته عليها ونبين الحق فيها بأذن الله تبارك وتعالى 

فالدين النصيحه لله ولكتابه ولرسوله ولأئمه المسلمين وعامتهم 

هذا كل شيء 

فاقول مستعينا بالله وحده لا شريك له 

ان اكبر اخطاء ابن تيمية هو توسعه في الاعذار توسعا زاد عن الحد الشرعي والعقلي معا انه في هذه المساله وكانه لا يرجع الى شرع او عقل 

وكان الشيخ أحمد بن تيمية يبحث في الادله الشرعيه وفي كلام من سبقه من الائمه ما يعطي منهجه في التوسع في الاعذار الصبغه الشرعيه لاقناع الناس بهذا المنهج وانه منهج شرعي بحت 

ولست ااخذ على الشيخ احمد بن تيميه توسعه في العذر للمعطلة ومن شابههم انما ااخذ على الشيخ توسعه في العذر للمشركين الذين وقعوا في الشرك الاكبر ممن يدعون الاسلام 

ومن اولئك المشركين الحلوليه الاتحاديه واصحاب وحده الوجود لان اهل هذا المذهب لا يكونون الا مشركين في الربوبيه والالوهيه الشرك الاكبر 

وسبب عدم لومي لابن تيمية في توسعته في العذر للمعطلة ومن دونهم بينته في حلقات سابقة تكلمت فيها عن مسائل التكفير، على قناتي الشرعية فلتراجع. 

يقول تلميذه الذهبي في سير اعلام النبلاء رايت للاشعري -يريد بذلك ابا الحسن الاشعري مؤسس الطائفه الاشعريه- رايت للاشعري كلمه اعجبتني وهي ثابته رواها البيهقي -يريد بالبيهقي ابو بكر البيهقي وهو من كبار الاشاعره المتقدمين- سمعت ابا حازم العبدوي سمعت زاهر بن احمد السرخسي يقول لما قرب حضور اجل ابي الحسن الاشعري في داري ببغداد دعاني فاتيته فقال اشهد علي اني لا اكفر احدا من اهل القبله لان الكل يشيرون الى معبود واحد وانما هذا كله اختلاف العبارات 

قلت - والقائل هنا هو الذهبي - وبنحو هذا ادين وكذا كان شيخنا ابن تيميه في اواخر ايامه يقول انا لا اكفر احدا من الامه ويقول قال النبي صلى الله عليه وسلم لا يحافظ على الوضوء الا مؤمن فمن لازم الصلوات بوضوء فهو مسلم انتهى كلامه 

وبالطبع من عرف الشيخ أحمد بن تيمية يدرك تماما انه كان يعني بالامه كل الطوائف المنتسبه الى الاسلام حتى من وقع في الشرك الاكبر او قال بالحلول والاتحاد 

يقول في بعض فتاويه ذهب كثير من مبتدعه المسلمين من الرافضه والجهميه وغيرهم الى بلاد الكفار فاسلم على يديه خلق كثير وانتفعوا بذلك وصاروا مسلمين مبتدعين وهو خير من ان يكونوا كفارا .. انتهى كلامه 

فنجده هنا يصف الرافضه بانهم مسلمون ونحن نعلم جميعا ان الرافضه واقعون في الشرك الاكبر لا نشك في ذلك ولا نمتري وواقع الرافضي تاريخيا وحاليا خير شاهد على ذلك 

واذا كان هذا رايه في الرافضه فما بالكم بمشركي الصوفيه الذين هم خير من الرافضه بكثير 

والجهميه كانوا يقولون بان الله تعالى في كل مكان بذاته وبعضهم يقول بانه حال ومتحد في خلقه ومع ذلك حكم باسلامهم 

يقول في الرد على البكري: ولهذا كنت اقول للجميه من الحلوليه والنفاة الذين نفوا ان يكون الله تعالى فوق العرش لما وقعت محنتهم انا لو وافقتكم كنت كافرا لاني اعلم ان قولكم كفر وانتم عندي لا تكفرون لانكم جهال وكان هذا خطابا لعلمائهم وقضاتهم وشيوخهم وامرائهم انتهى كلام 

وبناء على هذا النص فهو لا يرى الحلوليه كفارا مع انهم يزعمون ان الله حال متحد في خلقه بل ان من يتحدث عنهم الشيخ أحمد بن تيمية يرون ان الله هو عين الوجود والوجود هو عين الله تعالى تعال الله عن قولهم علوا كبيرا يعني يؤمنون بوحده الوجود فان لم يكونوا عنده كفارا فلا شك انهم مسلمون لانه ليس هناك منزله بين المنزلتين بحيث يكون العبد مسلم وكافر في نفس الوقت فهو اما ان يكون مسلما او يكون كافرا والعله عنده كما يظهر من رواية الذهبي عنه هو انهم يحافظون على الوضوء والصلاه 

ولذلك احتج بحديث النبي صلى الله عليه وسلم بانه لا يحافظ على الوضوء والصلاه الا مؤمن 

وهذا قول باطل واستدلال في غير محله لان العبد لو حافظ على الوضوء والصلاه ولم يكن موحدا فلن ينفعه وضوءه ولن تنفعه صلاته 

قال تعالى في سورة الزمر: (وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ (65))

ولكن الشيخ ابن تيميه وكانه جعل الوضوء و الصلاه اعظم من توحيد الربوبيه والالوهيه 

وهذا كلام غير صحيح كلام باطل لان التوحيد هو دعوه الرسل والشرائع بمثابه اقرار بهذا التوحيد وتسليم به 

ومعنى حديث النبي صلى الله عليه وسلم، ان من حافظ على الوضوء والصلاه من اهل التوحيد المؤمنين بوحدانيه الله تعالى في ملكه وخلقه وتدبيره وامره والوهيته فذاك المؤمن حقا واما من وحد الله تعالى ولم يحافظ على الوضوء والصلاه هذا قد يكون مؤمنا بوحدانيه الله تعالى ولكنه عاص متمرد على الله تعالى فعله من جنس فعل إبليس لعنه الله. فالوضوء والصلاة صنو التوحيد.

وقد لا يكون مؤمنا قد يكون منافقا من المنافقين 

ولكن لا يكون هناك مؤمن بالله وكتبه ورسله واليوم الاخر، ويدع الوضوء والصلاه 

ومع ان الشيخ ابن تيميه يصرح في غير موضع من كتبه ان من وقع في بدعه مكفره يكفر بعد اقامه الحجه عليه من الكتاب والسنه الا انه اضاف شرطا اخر وهو ان يفهم المبلغ الحجه وتحت هذا الشرط قد لا يمكن ان تقيم الحجه على المخالف لانك لا تدري هل هو فهم الحجه او لم يفهم الحجه 

قال الشيخ احمد بن تيميه في فتاويه وهكذا الاقوال التي يكفر قائلها قد يكون الرجل لم تبلغه النصوص الموجبه لمعرفه الحق وقد تكون عنده ولم تثبت عنده او لم يتمكن من فهمها وقد يكون قد عرضت له شبهات يعذره الله بها انتهى كلامه 

فاشترط هنا ان يتمكن من فهمها ولذلك قال في الرد على البكري ولهذا كنت اقول للجهميه من الحلوليه والنفاة الذين نفوا ان يكون الله تعالى فوق العرش لما وقعت محنتهم انا لو وافقت كنت كافرا لاني اعلم ان قولكم كفر وانتم عندي لا تكفرون لانكم جهال وكان هذا خطابا لعلمائنا وقضاتهم وشيوخهم وامرائه انتهى كلامه 

فاذا كانوا وبعد ان بين لهم الحق بالادله الشرعيه لا يزالون معذورون بالجهل فليت شعري متى يعلمون وتقوم عليهم الحجه واذا كان اعذاره بالجهل لعلمائهم وقضاتهم وشيوخهم فليت شعري من الملام اذا فالكل عنده معذور بجهله وان كان من اكبر العلماء 

والعله عنده هو انهم لم يفهموا حجته 

ولازم قوله هنا ان القران والسنه لم تعد تقوم بهما الحجه على احد 

كلام الله وكلام رسوله الذي ما هناك اوضح منها ولا ابين منها لا تقوم بها حجه 

لانه فيما يبدو يتعلق بان في القران ايات متشابهات مع أن الايات المتشابهات في القران قليله ثم انها لو ردت الى المحكم من كتاب الله تعالى عرف معناها الذي اراده الله تعالى فاذا انت بينت للمخالف معنى المتشابه من الايات بردك لها الى المحكم منه فماذا بقي للمخالف ليعتذر له 

كما ان الله سبحانه وتعالى اخبرنا انه لا يتبع المتشابه سوى من في قلبه زيغ وهذا ينفي ظن الشيخ أحمد بن تيمية بان المبتدع لم يفهم الحجه 

فالمبتدع فهم الحجه ولكنه اعرض عنها لهوى في نفسه 

نعم هناك بعض الاحاديث الصحاح التي ظاهرها مُشكل، ويشتبه على المبتدع معناها، ويحتج بظاهر هذه الاحاديث على صحه نحلته 

ولكن ليس في الشرك الاكبر فلا اعلم ايه ولا حديثا صحيحا ولا حسنا ولا حتى ضعيفا في كتب الحديث التي دونت في عصر الروايه يجيز الشرك الاكبر 

فالادعاء بان المشرك لم يفهم الحجه بعيد كل البعد عن الصواب وهذه مساله شرحتها في بعض كتبي وايضا في حلقات سابقه قناة الشريعة 

 وقارن بين هذا وبين ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم بسند صحيح من انه علق قيام الحجه بمجرد السمع فضلا عن مطالعه الكتاب والسنه والاعراض عن بيناته 

بل كان النبي صلى الله عليه وسلم يغير على قبائل المشركين دون ان يبعث لهم داعيه او يرسل لهم رسولا بعد ان فشى ذكر الاسلام بين الناس وعرفه القاصي والداني 

فاكتفى نبينا صلى الله عليه وسلم بمجرد السماع في اقامه الحجه على المخالفين 

وهذا امر مسلم به فالانسان لا ينتظر احد ياتيه برزقه او ينتظر من ياتيه ليعلمه كيف يحصل على رزقه بل يسعى هو بنفسه لطلب الرزق ويسعى لتعلم كيف يتقن عملا يكسب منه رزقه 

فكيف يهتم الانسان بامر رزقه ولا يهتم بامر دينه ولا يسعى اليه 

بل لو وجد الناس شخصا كسولا لا يسعى لطلب رزقه وتعلم صنعه يكسب منها رزقه للألوقا باللوم على ذاك الشخص ونسبوا ما هو فيه من فقر وحاجه الى تقصيره في طلب الرزق وتعلم صنعه يكسب منها رزقه ولطالبوه بان لا ينتظر ان ياتيه احد برزقه او ياتيه من يعلمه صنعه من الصنائع بل طالبوه بان يسعى هو الى ذلك 

ولكن عندما ناتي الى الدين تجد الشيطان يقلب المساله عند هؤلاء راساً على عقب لانه له خطه بعيده المدى وحيله ماكره يريد ان يحتال بها على الناس بتقرير مثل هذا المعتقد

والشيطان ماكر محتال فيستغل ةن العلماء ببعض الامور التي تمكنه من الوصول الى مراده وبغيته مثل ما فعل مع الشيخ أحمد بن تيمية 

كما انه ايضا يجد بغيته في التسويق لمثل هذه الامور في صنفين من الناس صاحب هواء واحمق بليد فمن خلال هذين الصنفين يستطيع الشيطان ان يمرر مشاريعه الافساديه بعيده المدى

وأنا لا أظن بالشيخ أحمد بن تيمية أنه صاحب هوى، لو كان كذلك لاتبع المذاهب السائدة في مكانه وزمانه، ولا نظن به أنه كان أحمقاً بليداً، بل هو عالم كبير وحافظ متقن ومحقق ولكن الشيطان استزله فزل في هذه المساله 

ولو اردنا تطبيق اعذار الشيخ أحمد بن تيمية لم نستحل تكفير ابي جهل وابي لهب وابي بن خلف ولا تكفير فرعون وهامان وغيرهم من الضلال فضلا عن من يدعي الاسلام ويتلفظ بالشهادتين من مشركي الصوفيه ومشركي الشيعه الرافضه 

ولم نستحل تكفير احد ممن وقع في الشرك الاكبر بل كل الخلق معذور المتكلم والصوفي والرافضي واليهودي والنصراني والصابئي والمجوسي والبوذي وجميع الخلائق 

لانه ما من احد من هؤلاء الا وهو تنطبق عليه اعذار الشيخ أحمد بن تيمية 

ومع ان الشيخ أحمد بن تيمية يكفر من لم يدعي الاسلام من اهل الملل الاخرى الا اني لا اعلم ما الضابط عنده الذي يجعله يميز في اعذاره بين من يدعي الاسلام وبين من لا يدعي الاسلام 

حتى ان تلميذه ابن القيم الشيخ أحمد بن تيمية وكانه اراد الانتصار للشيخ ابن تيميه في هذه المساله وتبرير عدم دخول من لم يدعي الاسلام تحت شروط وموانع الشيخ احمد بن تيميه في التكفير او في الاعذار فقال قيام الحجه يختلف باختلاف الازمنه والامكنة وفي بقعه وناحيه دون اخرى الى اخر ما قال. 

هذا لا شك انه قول بعيد كل البعد عن الصحه ولم يرد به كتاب ولا سنه 

ثم ان مشركي قريش والعرب عند التحقيق كانوا احق بالاعذار من جميع من جاء بعده ومع ذلك لم يعذرهم الله تعالى ولا رسوله 

وحاصل قول الشيخ ابن القيم ان القران والسنه ليست حجه في كل زمان ومكان بل هي حجه في زمان دون زمان وفي مكان دون مكان وهذا قول بين البطلان 

القران والسنه حجه في كل زمان وكل مكان والا فلاي شيء حفظ الله تبارك وتعالى القران والسنه؟! 

وقد احتج البعض بان الشيخ ابن تيميه تراجع عن ذلك واستدل بما قاله في التسعينيه حيث قال ما نصه فاخذا الجواب وذهبا فاطال الغيبه ثم رجعا ولم ياتيا بكلام محصل الا طلب الحضور فاغلضت لهم في الجواب وقلت لهم بصوت رفيع يا مبدلين يا مرتدين عن الشريعه يا وكلاما اخر كثيرا ثم قمت وطلبت فتح الباب والعود الى مكاني انتهى كلامه 

فاستدل بقوله يا مرتدين عن الشريعه بأنه كفرهم باعيانه والحقيقه ان هذه العباره لا تفيد انه كفرهم الكفر الاكبر لانه قال يا مرتدين عن الشريعه اي يا راجعين عن الشريعه اي لم ترتضوا حكم الشريعه و وما ورد فيها في باب العقائد فليس في هذه العباره تصريح برجوعه عن قوله بعدم اكفار من وقع في الكفر الاكبر من الاتحاديه الحلوليه او المشركين من الصوفيه والرافضه 

والبعض ينكر ان الشيخ ابن تيميه لم يكفر الحلوليه الاتحاديه او القائلين بوحده الوجود 

وياتي ببعض النصوص للشيخ ابن تيميه في اكفارهم او نقولات له عن ائمه السنه المتقدمين في اكفار اعيان بعضهم 

ولكن الذي يظهر لي من خلال منهجه ان هذا كله تكفير للاعمال دون الاعيان وعلى العموم وليس على الخصوص 

واما نقله لاقوال غيره من الائمه فهو يقرر اصلا ان مذهب السلف هو تكفير الفعل دون الفاعل والتكفير بالعموم دون الاعيان وان وقع منهم تكفير تكفير لاحد بعينه لانه توفرت فيه شروط التكفير وانتفت عنه موانعه 

ثم هو نجده لا يرى احدا ممن قابلهم واقام عليهم الحجج ممن قامت عليه الحجه وانتفت عنه الشبهه

وهذا واضح جلي مما صرح به في رسالته للبكري والتي ذكرتها سابقا ثم هو يتحدث عن قوم واقعون في الشرك الاكبر ولا يوجد من يقول بالحلول والاتحاد او يقولون بوحده الوجود ويكون موحدا بل كلهم واقعون في الشرك الاكبر 

وهناك رأي لبعض لباحثين، يرى فيه أن الشيخ أحمد بن تيمية لا يكفِّر إلا من وصف غير الله تعالى بالربوبيَّة، ويحتج على ذلك بان ابن تيمية لم يكفر أحداً ممن وقع في الشِرك الأكبر إلا من وصف معبوده من دون الله بالرب، كالنصيرية والإسماعيلية الباطنية، 

والحقيقة أن هذا القول يمكن استنتاجه من فتاوى ابن تيمية، وإن لم يُصرِّح به، وإلا فما معنى أن يحجم عن تكفير جميع الفرق الواقعة في الشرك الأكبر، ثم يكفر النصيرية والإسماعيلية الباطنية؟! 

ولكن ربما لا يكون هذا هو رأي الشيخ أحمد بن تيمية، ويكون الشيخ أحمد بن تيمية إنما كفرهم لأنهم لا يؤمنون بالقرآن اساسا ولا يؤمنون بالسُنّة جملة وتفصيلاً، بل إنهم لا يؤمنون حتى بالبعث، فهؤلاء خرجوا عند ابن تيمية عن حدّ الإعذار.

وحتى في هذه فقد أخطأ الشيخ أحمد بن تيمية، لانه لم يجعل الشرك الأكبر وحده سببا وجيهاً لخروج العبد من الإسلام، فعنده لو جئت بأركان الإيمان الست وأركان الإيمان الخمس، ولكنك أشركت بالله تبارك وتعالى الشرك الأكبر، فأنت عنده مسلم، وهذه مصيبة، لأن الشرك الأكبر وحده كفيل بإخراج العبد من دائرة الإسلام، وإلحاقه بالأمم الوثنية. 

ولم يقف الشيخ أحمد بن تيمية عند هذا الحد بل كان يجل كبار المتكلمين والصوفيه ويثني عليهم ويعظم من شانهم ويرفع من خسيسته 

حتى انه الف كتابا اسمه رفع الملام عن الائمه الاعلام اجتهد في رفع اللوم عنهم واشتد في الاعتذار لهم بما لا يقبله نقل ولا عقل 

وهو يعني بالائمه هنا جميع من ينتسب الى العلم ومنهم ائمه المتكلمين والصوفيين 

وكان هذا رايه الى ان توفاه الله تعالى 

وهذا دليل على ان قوله في التسعينيه يامرتدين عن الشريعه ليس مراده منه اخراجهم من الاسلام 

بل بلغ به الامر ان قال بان اصول الدين لا توجب خلافا بين اهل العلم 

اي ان الخلاف الذي يقع بينهم يكون خلاف اخوه ومحبه وموده 

وان لم يرجع المخالف يبقى اخا عزيزا مقربا حبيبا حتى ولو دعا الناس الى الشرك الاكبر او الالحاد في صفات الله تعالى 

ومع ان كبار المتكلمين لم يالوا جهدا في حرب السنه واهلها والاجتهاد في نشر البدعه 

بل منهم من كان يجتهد في نشر الشرك الاكبر والدعوه اليه بدعوه الناس الى الاستغاثه بالانبياء والاولياء 

وكانوا يحرصون على طرد علماء السنه السائرين على منهج السلف من المراكز الدينيه والمناصب العلميه والاستفراد بها والوقيعه بعلماء السنه عند الحكام وتنفيرهم منهم ووصفهم بالبلاد والغباوة والجهل 

الا انه لما امكنه الله تبارك وتعالى من رقابهم لم يفعل شيئا بل اخذ يثني عليهم ويعظم من شانهم 

قال ابن كثير في تاريخه في حوادث سنه  للهجره ما نصه وسمعت الشيخ تقي الدين يريد بذلك الشيخ ابن تيميه لانه كان يلقب بتقي الدين يذكر ما كان بينه وبين السلطان من الكلام لما انفردا في ذلك الشباك الذي جلسا فيه وان السلطان استفتى الشيخ في قتل بعض القضاه بسبب ما كانوا تكلموا فيه واخرج له فتاوى بعضهم بعزله من الملك ومبايعه الجاشنكير وانهم قاموا عليك واذوك انت ايضا واخذ يحثه بذلك على ان يفتيه في قتل بعضهم وانما كان حنقه عليهم بسبب ما كانوا سعوا فيه من عزله ومبايعه الجاشنكير ففهم الشيخ مراد السلطان فاخذ في تعظيم القضاه والعلماء وينكر ان ينال احدا منهم بسوء وقال له اذا قتلت هؤلاء لا تجد بعدهم مثلهم فقال له انهم قد اذوك وارادوا قتلك مرارا فقال الشيخ من اذاني فهو في حل ومن اذى الله ورسوله فالله ينتقم منه وانا لا انتصر لنفسي وما زال به حتى حلم عنهم السلطان وصفح انتهى كلامه 

وهذا من اعجب العجب بل هي في حقيقة الأمر سذاجة بالغة كيف يعظم الشيخ ابن تيميه قوما ما ابتلي الاسلام بمثلهم حتى وصفهم ابن قدامه وهو في نظري والله افقه من ابن تيميه في كتابه المناظره في القران بانهم اشر فرقه ظهرت في الاسلام 

ويزعم ان السلطان لو قتلهم لن يجد مثلهم 

قوم يلقنون الناس الحاد فلاسفه الاغريق والى صنوف من البدع ومنهم من يدعو الناس الى الشرك بالله تعالى اي خير فيهم 

وليته عندما تورع عن سفك دمائهم واخذته الرحمه والشفقه بهم وباهلهم وذراريهم انه امر السلطان باقصاءهم عن المراكز الدينيه والمناصب العلميه وتسليمها لعلماء السنه ليعلموا الناس دينهم الذي افسده المتكلمون والصوفيه 

ولكنه حتى هذه لم يفعلها 

وكل هذا بدعوه العدل والانصاف 

وليس هذا والله من العدل والانصاف في شيء 

والله لو عدل الشيخ ابن تيميه وانصف لوضع هؤلاء الدجالين في مواضعهم ومنازلهم التي تليق بهم ولاهانهم واسقطهم ولا امر السلاطين باقصاءهم عن المراكز الدينيه والمناصب العلميه حتى لا يفتنون الناس 

ولكن الشيطان استزله فزل 

وكان لهذا التصرف اعظم الاثر في الاسلام والمسلمين 

فقد حافظ المتكلمون والصوفيه على مراكزهم الدينيه ومناصبهم العلميه وظلوا ائمه الدين وحملته ونقلته فظلوا كثيرا من الناس واضلوا من جاء بعدهم 

ومثل هذه التصرفات الغير مسؤوله حقيقه 

هي سبب بقاء وانتشار المذاهب البدعيه عبر الامكنة والأزمنة 

وهذا يذكرنا بقول ائمه السنه المتقدمين رحمهم الله عندما قالوا من وقر صاحب بدعه فقد اعان على هدم الاسلام 

وهذا ما وقع فيه الشيخ ابن تيميه وقر اصحاب البدع فتسبب ذلك في بقاء بدعهم وانتشارها وضلال كثير من الناس 

كما ان ما رواه الشيخ ابن كثير عما جرى بين السلطان وبين الشيخ ابن تيميه رد على من زعم ان الشيخ ابن تيميه انما كان يثني على اهل البدع من باب السياسه الشرعيه اذا انه لا مجال في هذا الموضع الى العمل بالسياسه الشرعيه وقد اخضع الله له سلطان البلاد 

كما أنه لو كان ما وقع منه من باب السياسة الشرعية كما يزعمون، لما قرّر ذلك كله في كتبه، وأكّد عليه فيها، ولجعلها حبيسة زمانها ومكانها.

والحقيقه ان الانسان لا يخلو من الخطا  ولكل زلات وهنات مهما بلغ من العلم والفقه ومهما بلغ من التحرص لان هذه هي طبيعه المخلوق 

وانا اعني بالعلماء هنا علماء اهل السنه والجماعه المتبعين للسلف المتمسكين بالكتاب والسنه 

واما المتكلمون والصوفيه والرافضه فهؤلاء لا علاقه لهم بالعلم والفقه 

ولكن بعض هذه الاخطاء التي يقع فيها اهل العلم والفقه قد تكون خطيره لانها تكون سببا في ضلال الشخص نفسه او ضلال من يتابعه على زلته وقد تؤدي به الى الخروج من الاسلام جمله وهو لا يشعر 

ومن اخطر هذه الاخطاء ان تهون من الخلافات العقائديه الخطيره التي وقعت بين اهل السنه وبين اهل الكلام والتصوف والرفض 

لانها خلافات عقائديه خطيره ومثل هذا التهاون يزيل الحدود والفواصل التي بين السنه واهلها والبدعه واهلها وبين الاسلام واهله والكفر واهله 

فيختلط الحابل بالنابل 

وبالتالي تضعف او قد تقضي على عقيده الولاء والبراء فتبقى بيضه الاسلام مكشوفه للاعداء يستبيحون منها ما لا يقدرون على استباحته لو ان العلماء وأعني بهم هنا مجددا من يريد منهم اتباع الكتاب والسنه اتبعوا الكتاب والسنه واخذوا بالحزم والعزم في مساله الايمان وموقفهم من كبراء اهل البدع بدع مغلظه 

كما انها تسبب في تسهيل وقوع الناس كما قلت سابقا في الكفر الاكبر 

واذا كان من وقع في الشرك الاكبر معذورا فماذا بقي من اسلامه حتى يحكم باسلامه 

لم يبقى من اسلام ذاك المشرك الا الادعاء بانه مسلم ونطقه للشهادتين من غير علم منه بمعناها ولا تقيد بمضمونها 

وأما الأعمال، فقد كان مشركي قريش والعرب، يعملون، فهل نفعهم عملهم مع ما هم عليه من الشرك الأكبر؟!

والعجيب ان من يتلفظ بذلك وهو عذر من اجاز الشرك الاكبر وعمل به تراه يردد صبح مساء ان اول شروط لا اله الا الله هو العلم بمعناه ثم تجده يحكم باسلام من لا يعرف معناها ولا يعمل بمقتضاها فهل رايتم اعجب من ذلك 

ولا شك ان الشيخ ابن تيميه دعا الناس الى توحيد الربوبيه والالوهيه والصفات واصلح كثيرا وقام مقاما حسنا 

ولكن الشيخ احمد بن تيميه غفر الله له كمن جاء الى مدينه لها حصن عظيم ولكن الاعداء اقتحموها بمعاونه بعض الخونه الذين فتحوا لهم الباب في ليله ظلماء والناس نيام فقام الاعداء بقتل الرجال وسبي النساء والاطفال وتدمير منازل المدينه تدميرا تاما ثم خرجوا وتركوا الحصن وشانه ولكنهم تركوا الباب مفتوحا فجاء الشيخ بن تيميه واعاد بناء المدينه حتى صارت مثل ما كانت عليه ولكنه في المقابل قام ودمر الحصن الذي يحوط المدينه فلما سئل عن ذلك قال لا يوجد لنا اعداء وكل القرى التي حولنا اخوه لنا بينما في الواقع جميع القرى التي حولهم عدوه لهم وتتربص بهم الدوائر ولكن مبالغه الشيخ ابن تيميه في احسان الظن كانت سببا في هلاكهم مجددا لان جهود الشيخ احمد بن تيميه تلاشت بعد وفاته شيئا فشيئا ولم يكن لها اثر طويل المدى 

واقول لمن التزم بمذهب الشيخ احمد بن تيميه في الاعذار وفي منهجه مع كبار المتكلمين والصوفيه لا توجد طائفه بدعيه الا وهي تكن العداء لغيرها من الطوائف حتى وان تظاهرت بالحياد 

كل طائفه بدعيه تجتهد في عمل الاسباب لنشر مذهبها والقضاء على المذاهب الاخرى ومن اهم تلك الاسباب هو محاوله اسقاط كبراء الفرقه الاخرى 

تحط من قدرهم وقيمتهم وتسفيههم وتجهيلهم واستحماقمهم والنهي عن مطالعه كتبهم او تلقي العلم عنهم 

وهذا ما طبقه اهل البدع مع اهل الاسلام وقد نجحوا في ذلك نجاحا باهرا 

بينما ائمتنا مع الاسف يثنون على كبرائهم ويهونون من الخلافات العقائديه بيننا وبينهم ويوصون بتلقي العلم عنهم وقراءه كتبهم 

مما سهل في ضعف السنه واهلها وارتداد كثير منهم الى مذاهب المتكلمين والصوفيه ولا حول ولا قوه الا بالله العلي العظيم 

ولا تغتروا بحياديه اهل البدع المزيفه لان كل طائفه تسعى للحفاظ على مكاسبها البشريه والاقليميه وتبقى في حاله السكون دام انها غير قادره على التوسع في النطاقين البشري والاقليمي وهذا شيء علمناه من التاريخ ومما يقع في زماننا هذا على ايدي كبار المتكلمين والصوفيه والاباضيه والشيعه الرافضه عرفنا ذلك حق المعرفه ومن لم يتعظ بالتاريخ فلن يتعض بشيء اخر 

والحقيقه ان اكثر من ياخذ بمذهب الشيخ احمد بن تيميه في الاعذار وفي توقير اهل البدع يعلمون ذلك جيدا ولكنهم يتمسكون بمذهب الشيخ احمد بن تيميه لانهم انما يريدون العلو في الارض اخر همهم هو الدين ولا يأبهون ولو هلك الدين 

ولا تغتروا بتشدقهم بالسلفيه والتوحيد او تشدق بنصره السنه ونحو ذلك جربناهم في كم موقف فراينا منهم العجب العجاب

وربما لو انتقلت الدنيا الى ايدي المتكلمين او الصوفيه او الشيعه الرافضه لتحولوا الى اي مذهب يوصلهم الى الدنيا وزينتها وزخرفها 

وهذا ايضا شيء علمناه من التاريخ ومن الواقع الذي عايشناه وعرفناه 

فيا عباد الله اتقوا الله عز وجل واعلموا ان اهل العلم محاسبون ومسؤولون عن الامانه التي تقلدوها من طلبهم للعلم الستم تقولون بانكم حماة الدين وحصون السنه اذا ما بالكم تخالفون الكتاب والسنه بسبب زله زلها ابن تيمية اولم يكن الاولى بكم اتباع الكتاب والسنه حتى تلقوا الله تبارك وتعالى وهو راض عنكم 

هذا ما تيسر والله الهادي الى سواء السبيل والله اعلم واحكم