مخالفة السلفيون لمنهج السلف الأوائل

 بسم الله الرحمن الرحيم

إن من العجائب التي نراها في زماننا، أننا نجد الأشاعرة وغيرهم من فرق المبتدعة، حريصون على إسقاط علماء السنة، وتحريض أنفسهم وأتباعهم على البراءة منهم.

في الوقت الذي نجد المنتسبين للعلم من السلفيين يخالفون سلفهم في منهجهم في تعاملهم مع أهل البدع بدعا مغلظة.

فبدل البراءة من علماء أهل البدع تجدهم يوالونهم، ةبدل إسقاطهم تجدهم يوقرونهم، وبدل إتلاف كتبهم والنهي عن قراءتها تجدهم يهتمون بتحقيقها وطباعتها والعناية بها ونشرها والوصاية بقراءتها بما فيها من إلحاد في صفات الله تعالى وإجازة للبدع والضلالات، وبعضهم يدعوا إلى الشرك صراحة، بل إن بعضهم لسخف عقله يظن أنه لا يمكن الاستغناء عن كتب الأشاعرة، وأنه لو لم توجد هذه الكتب لانثلم الإسلام! وما يعلم هذا الجاهل أن هذه الكتب هي التي كانت سببا في ثلم الإسلام، ونقض عراه عروة عروة!

على مرئى ومسمع بل وبموافقة وتأييد وتشجيع، ممن كان يفترض أنهم حصن السنة وحماة الإسلام وأنصار التوحيد، فالله المستعان على غربة السنة في هذا الزمان، وتفشي الجهل، وكثرة الرؤوس الجهال الذين اتبعوا أهواءهم وخالفوا ما أجمع عليه سلفهم، يظنون أنهم على شيء وماهم على شيء.

ومن عجائب ما رأيت ايضا، أن بعض المنتسبين للعلم وأهله من المنتسبين إلى مذهب السنة ومنهج السلف، يحققون ويطبعون وينشرون ويوصون بكتب الاشاعرة التي تضمنت تكفيرهم والبراءة منهم! كما فعل أحدهم في زماننا ويدعى الشيخ سعد الحميد حيث قام بتحقيق كتاب المفهم لأحمد بن عمر القرطبي تحقيقا جيداً وطبع الكتاب في طبعة فاخرة، وهذا القرطبي من أشد أعداء السنة، والعجيب أنه يكفر كل من أثبت علو الله تعالى على عرشه ويصفه بالمجسم، وعلى هذا فهو يكفر سعد الحميد الذي قام بتحقيق وطباعة الكتاب وأهل مذهبه، فما أدري ماذا حل بهؤلاء السلفيون!!

بل إن السلفيون يهتمون بكتب علماء الأشعرية في الوقت الذي يهملون فيه كتب علماء السنة، فمن ذلك إهمالهم لتفسير الإمام ابن ابي زمنين الإلبيري رحمه الله وهو تفسير مختصر جامع لمعاني القرآن وإقبالهم على طباعة ونشر كتاب تفسير الجلالين ومؤلفاه من كبار الاشعرية، وكاهتمامهم بطباعة كتاب بلوغ المرام لابن حجر وهو أشعري جلد، وإهمالهم لكتاب عمدة الأحكام الكبرى وهو خير من كتاب ابن حجر ومؤلفه الإمام ابن عبدالواحد من أئمة السنة، وهذا مثال فقط، وإلا فهذه الحالة شائعة جداً.

وما ذلك والله إلا من مكائد الشيطان وحيله، فإن الشيطان يأتي إلى أهل البدع فيحضهم على البراءة من علماء السنة ومفارقتهم ومباينتهم واتلاف كتبهم، في حين تجده يأتي إلى المنتسبين إلى مذهب السنة ومنهج السلف، فيهون بدع الأشاعرة ويقزّمها، وبأنها لا تستوجب براءة ولا هجراً، ولا تمنع من الاستفادة من كتبهم، ويزين هذا لهم، ولأن الناس كإبل مائة لا تكاد تجد فيها راحلة، فقد انطلت حيلته على أكثر هؤلاء، فصدقوه وأطاعوه وعملوا بأمره، فضل خلق كثير من الناس، وأخذت السنة تندرس شيئا فشيئا، ولوى أن الله تبارك وتعالى حفظ لهذه الأمة عصابة متمسكة بالحق حتى يأتي وعد الله، لاندرست السنة بالكلية، وأما البدع فقد أخذت تستفحل شيئا فشيئا حتى صار المبتدعة أكثرالناس، هذا وأصحابنا في نومهم غارقون، وفي سكرتهم يعمهون، قد خانوا الأمانة، واستهتروا بالحمل الذي حُمِّلوه، واستخفوا بالناصحين، وغشوا الإسلام والمسلمين، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.